أبو طالب (ع س ) والإسلام
عبدالمطلب ( ع س ) الذي دعا على قوم أبرهة حينما جاؤوا مع الفيل لهدم الكعبة فدعا عبدالمطلب (ع س ) عليهم حتى أرسل الله بسبب دعائه طيراً أبابيل فأهلكهم في وادي محسر قريباً من منى، فإذا كان عبدالمطلب مشركاً كيف يدعو على قوم أبرهة وكيف يستجيب دعائه في هلاكهم، مع أن سورة الفيل في القرآن الكريم وشأن نزولها في قوم أبرهة ودعاء عبدالمطلب يعرفه كل واحد ، وكذلك فهناك أحاديث كثيرة وردت في إسلام عبدالمطلب وأبي طالب عليهما السلام .
فمنها: عن مولانا أميرالمؤمنين علي عليه السلام أنه قال: والله ما عبد أبي وجدي عبدالمطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قط، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلون إلى البيت على دين ابراهيم متمسكين به
وأما إسلام أبي طالب عليه السلام مجمع عليه بين الاِمامية ، وقد قال الشيخ المفيد في أوائل المقالات : اتفقت الاِمامية على أن آباء رسول الله صلى الله عليه وآله من لدن آدم إلى عبدالله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّوجلّ وأجمعوا على أن أبا طالب مات مؤمناً ، وأن آمنة بنت وهب كانت على التوحيد.
وقال أبو جعفر الطوسي في التبيان عن أبي عبدالله وأبي جعفر عليهما السلام إن أبا طالب كان مسلماً ، وعليه إجماع الاِمامية وادعى الاِجماع على إسلامه جمع كثير من علماء الشيعة.
وروى المفيد بإسناد يرفعه لما مات أبو طالب أتى أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله فآذنه بموته فتوجع توجعاً عظيماً وحزن حزناً شديداً، ثم قال لاَميرالمؤمنين : إمض يا علي ، فتولَّ غسله وتحنيطه وتكفينه ، فإذا رفعته على سريره فأعلمني ، ففعل ذلك أميرالمؤمنين ، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلى الله عليه وآله فرقّ وحزن فقال : وصلت رحماً وجزيت خيراً يا عم ، فلقد ربيت وكفلت صغيراً ، ونصرت وآزرت كبيراً ، ثم أقبل على الناس وقال: أما والله لاشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين.
وعن الاِمام السجاد زين العابدين عليه السلام أنه سئل عن أبي طالب أكان مؤمناً؟ فقال : نعم ، فقيل له: إن هاهنا قوماً يزعمون أنه كان كافراً ؟ فقال عليه السلام : واعجباً كل العجب أيطعنون على أبي طالب أو على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد نهاه الله تعالى أن يقرّ مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ، ولا يشك أحد أن فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها من المؤمنات السابقات ، فإنها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبوطالب رضي الله عنه.
وقال عبدالرحمن بن كثير: قلت لاَبي عبدالله عليه السلام : إن الناس يزعمون أن أباطالب في ضحضاح من نار ! فقال : كذبوا ، ما بهذا نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله ، قلت : وبما نزل ؟ قال : أتى جبرئيل في بعض ما كان عليه فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك : إن اصحاب الكهف أسروا الاِيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين ، وإن أبا طالب أسر الاِيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين ، وما خرج من الدنيا حتى أتته البشارة من الله تعالى بالجنة ، ثم قال: كيف يصفونه بهذا وقد نزل جبرئيل ليلة مات أبو طالب ، فقال : يا محمد أخرج من مكة فما لك بها ناصر بعد أبي طالب
والاَشعار الدالة على إسلام أبي طالب ـ التي قالها في مدح الرسول صلى الله عليه وآله ـ كثيرة منها:
ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً *** نبياً كموسى خط في أول الكتب
ومنها :
ولقد علمت بأن دين محمد *** من خير أديان البرية دينا
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن عبدالله بن أبي رافع عن علي عليه السلام قال: أخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله بموت أبي طالب فبكى ، ثم قال: إذهب فغسله وكفنه وواره، غفر الله له ورحمه.
وقال اليعقوبي في تاريخه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله إن أبا طالب قد مات! عظم ذلك في قلبه واشتد له جزعه ، ثم دخل فمسح جبينه الاَيمن اربع مرات وجبينه الاَيسر ثلاث مرات ، ثم قال : يا عم ربيت صغيراً وكفلت يتيماً ونصرت كبيراً ، فجزاك الله عني خيراً ، ومشى بين يدي سريره وجعل يعرضه ويقول: وصلت رحماً وجزيت خيراً .
فبعد ما ورد من الاَخبار والآثار الكثيرة التي يعجز الاِنسان عن إحصائها، هل يرضى المسلم نسبة الكفر والشرك إلى أبي طالب الذي حامى عن الرسول في جميع الاَحوال ، ولولاه لقتله المشركون ، وكان هو الحامي للرسول صلى الله عليه وآله ، وحين مات أبو طالب بكى عليه الرسول صلى الله عليه وآله وصلى عليه ودفنه عند قبر جده عبدالمطلب ، وجاء إلى زيارة قبره مكرراً حينما كان في مكة ، وهل يجوز أن يفعل النبي صلى الله عليه وآله كل هذا لاِنسان مشرك؟
حاشاه وظني أن نسبة الشرك إلى أبي طالب عليه السلام جاءت من جهة المعاندة لابنه علي بن أبي طالب عليه السلام حيث أنهم ماوجدوا منقصة لعلي عليه السلام إلا نسبة الشرك إلى أبيه أبي طالب عليه السلام .
------------------------
-
إنَّ عليـاً وجعفـراً ثِقِتـي عندَ احْتدامِ الأمورِ والكُرَبِ
أراهُما عُرضَة َ اللِّقـاءِ إذا سامَيّتُ أو أنّتَمي إلى حَسَبِ
لا تَخْذُلا وانصُرا ابنَ عَمِّكُما أخي لأُمِّي مِن بَينِهم وأبي
واللهِ لا أخـذُلُ النبـيَّ ولا يخذُلُه من بنيَّ ذو حسـبِ