من المتعارف عليه أنه وعند كل الأديان والطوائف والملل وحتى النحل
لهم طقوس خاصة بالنسبة لأوليائهم
وهي حالنا حال بقية الأديان
ولا أقول تقليدا أو مظهرا وإنما هو طقس نحترمه ونجله مقتنعين فيه تمام الإقتناع فماذا تعني زيارة الأولياء وماسر تعلقنا بزيارتهم وإلاما يرمزون
ثلاثة أسئلة أطرحها على نفسي وعليكم
ما ذا تعني زيارة الأولياء:
بالتأكيد أنها لاتعني العبودية لهذا الولي
(حاشا لله فالعبودية لاتصح ولن تصح إلا لله وحده)
وإنما تعني احترامنا وتقديسنا لعلماءنا حتى بعد موتهم
فهم في حياتهم كانوا الحكماء الناصحون لنا العارفون بالله وجاهدوا لنعرفه سوية
فمن الواجب الديني والأخلاقي زيارة أضرحتهم وقراءة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة
واقتداءنا بآل البيت عليهم السلام
فسر تعلقنا بأضرحة الاولياء قدسهم الله أنهم كانوا لنا مثابة الشعلة والنور في حياتنا الذي يهدينا الطريق المستقيم
--
دخل في كثير من الأحيان العادات الغير مرغوبة ولا مقبولة نتيجة الإختلاط الجبري بالمستعمرين الذين حاولوا طمس هويتنا وتحريف ديننا وطبقوه على عامة الشعب
ولكن هذا لايعني أن هذه العادات صحية وسليمة وإنما جاءت نتيجة تراكم المستعمرون المغتصبون لأرضنا
فقيمة الولي محفوظة نجله ونحترمه ونزور ضريحه ونذكر محاسن موتانا
ولعل زيارة القبور تنمي في الإنسان حب الآخرة لأنه يعلم أنه ميت لا محالة فينظر للأضرحة والقبور ويتحسر على ما فاته من أعمال ويسعى جاهدا لفعل الخير
وزيارة القبور حض عليها آل البيت سلام الله عليهم
وإنّ المتتبّع لسنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يرى الأمر بالنسبة إلى زيارة القبور أنّه مرّ بثلاث مراحل في عهد الرسالة.
المرحلة الأولى: جواز زيارة القبور، وذلك استمراراً لما كانت عليه الشرائع السابقة.
وخير مثال ـ والأسبق تاريخياً ـ في ما ذكره القرآن الكريم لاحترام مراقد الأولياء وتعاهدها بالزيارة، هو مرقد فتية أصحاب الكهف، إذ قال تعالى: (إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً)، وتُشعر الآية بذكرها المسجد بأنّ هؤلاء
الذين غلبوا على أمرهم هم الموحّدون، فالآية فيها دلالة على جواز البناء على القبور وزيارتها، والمسجد إنّما يُتخذ ليؤتى على الدوام ويقصده الناس ليذكروا اسم الله عزّوجلّ فيه.
المرحلة الثانية: المنع لعلل يأتي ذكرها، ويستنبط ذلك من قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها "، ويتّضح من هذه الرواية أنّ المسلمين كانوا يزورون القبور، ثمّ ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيها المنع، ثمّ أذن لهم بعد ذلك في الزيارة.
ففي رواية ابن عباس عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تقولوا هجرا "، والهُجر هو الكلام القبيح المهجور لقبحه، وهذا الحديث كأنّه يتضمّن علّة النهي أو بعضها، وهي أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أراد إلغاء عادات الجاهليّة وتأسيس آداب إسلاميّة للزيارة.
ولعلّ نهي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في الفترة التي منع فيها زيارة القبور كان لكثرة قبور المشركين، وحيث أنّ الزيارة للقبر تزيد وتعمّق أواصر الارتباط بين الزائر والمزور، وتجدّد في النفوس روح الاقتداء بهم وإحياء آثارهم، أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بعدم زيارة القبور، ولما كثر المؤمنون بينهم وقوى الإسلام رخص الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الزيارة باذن الله عزّوجلّ.
ولهذا ورد في قوله تعالى النهي عن القيام عند قبور المنافقين: (وَلا تُصَلِّ
عَلى أَحَد مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ)، ففي هذه الآية دلالة واضحة على جواز ذلك في شأن من مات على الإسلام، وأنّ ذلك معهود بين المسلمين، وأنّ الآية إنّما نزلت لتستثني الكفار والمنافقين، كما هو في ذيل الآية: (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ).
المرحلة الثالثة: تجويز زيارة القبور ورفع الحظر والمنع، فقد ثبت في الصحيح عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه كان يخرج مراراً إلى البقيع لزيارة قبور المؤمنين، وورد أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) زار قبر أمّه وبكى
وأبكى من حوله.
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): "نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّ في زيارتها تذكرة".
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): " إنّي نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّ فيها عبرة ".
وورد بسند صحيح أنّ فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كانت تزور قبر عمها حمزة بن عبد المطلب(رضي الله عنه) كلّ جمعة وتصلي وتبكي.
وإنّ من أبرز العبر كما أشرنا في ما سبق في زيارة القبور، إنّها توفّر للزائر أجواء يستوحي منها ذكر الموت والزهد في الدنيا والعمل للآخرة والإقبال على الله، فيشد عزيمته لمواصلة درب الصلحاء والأولياء، فالزائر يستلهم من منهجهم الوعي المحفز لمواصلة ركب الإيمان.
وإنّ زيارة قبور الصلحاء هي كالحجّ يجتمع فيه المسلمون على الخير والهدى والترابط والتعارف والتآلف، فيمجّدوا عظماءهم ويحيوا بذكراهم القيم والمبادئ والأفكار التي كانوا يحملونها